إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ وسلم تسليماً كثيراً..
أما بعد
فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى واشكروا نعمته عليكم بهذا الدين القويم الذي أكمله الله لكم وأتم به النعمة عليكم وبعث به أشرف خلقه إليكم فلقد بعث الله رسوله محمداً ليتمم مكارم الأخلاق فكان دينه دين عبادة ودين أخلاق ودين معاملة أيها المسلمون إنه لا يشك أحد في أن الزواج من نعمة الله على عباده وأنه لا تستقيم أمور البشرية إلا به وأنه هو السبب لكثرة الأمة وقوتها ولهذا كان من سنن المرسلين عليهم الصلاة والسلام ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك وجعلنا لهم أزواجاً وذريةً وتأمل كيف قال وذرية ليتبين لك أن من أهم مقصود النكاح الذرية لتكثر الأمة ولقد توصل أعداءنا إلى فكرٍ خاطئ بثوه بين المسلمين وهو أن يقللوا من نسلهم بحيلة يتحيلون بها بوجوهٍ شتى يسيئون الظن بالله عز وجل ويعتقدون أنهم هم الذين يستطيعون أن يقوّموا أولادهم فيقولون إذا كثر الأولاد عجزنا عن تربيتهم ولم يعلموا أن الهدى هدى الله وأن أناساً كان عندهم ذريةٌ كثيرة فمنّ الله على هذه الذرية بالاستقامة وأن أناساً آخرين ليس عندهم إلا واحدٌ أو اثنان ومع ذلك فهم على أسوأ الأحوال أيها المسلمون لا يغركم أعداءكم إن أعداءكم يريدون أن يقللوا من عددكم ويريدون أن يضعفوا من قوتكم وأن يقللوا من شأنكم ولكن انظروا إلى ما أرشد إليه النبي (تزوجوا الودود الولود فإني مكاثرٌ بكم يوم القيامة) أيها المسلمون إن هذا الزواج الذي هو من نعمة الله والذي من أعلى شؤونه وأشرف آدائه كثرة الذرية إنه يجب أن يكون محلاً بالحلى الشرعية المبينة على الحياء وعلى الأخلاق فإن من أفضل الأخلاق التي جاء به الدين الإسلامي خلق الحياء الذي يمنع صاحبه من فعل ما يخالف الشريعة أو الفطرة السليمة خلق الحياء الذي هو من شعب الإيمان فإن الحياء من الإيمان كما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم والحياء من أخلاق النبي الذي هو أكرم بني الإنسان أيها المسلمون ولكن من البلاء المنكر الذي أصيب به بعض الناس في أيام حفلات الزواج أن نزع منهم الحياء فكانوا يرتكبون أيام الزواج ليلة الزفاف أمراً منكراً لا ترضاه الشريعة ولا تقره الفطرة ولا تقبله العادات الحميدة يخرج الزوج فيلتقي بزوجته أمام حفل النساء المتجملات المتطيبات وربما يكشف بعضهن عن وجوههن ليرين هذه الزوجةفي أول لقاء له مع زوجته جالساً إلى جنبها يصافحها أو يقبلها أو يلقمها الحلوى أو التفاحة أو غير ذلك مما يستدعي تحرك الشهوة وحلول الفتنة فيا سبحان الله يا سبحان الله كيف يبلغ بنا الحد إلى هذا التدهور وفي هذه السرعة؟ كيف يليق بنا ونحن أمةٌ إسلامية أمة الإيمان والحياء أمة محمدٍ صلى الله عليه وسلم الذي كان أشد الناس حياءً مع القوة والحزم كيف يليق بنا ونحن كذلك أن نخلع جلباب الحياء لنعري أنفسنا في عاداتٍ وتقاليد وردت إلينا عبر أمم إسلامية تأثرت بعادات أمم كافرة أيها المسلمون تصوروا ماذا تكون حال الزوج وزوجته حينئذٍ أمام نساء ينظرن إليهما ليظهرن الشماتة في الزوج أو زوجته إن كانا قبيحين في نظرهن ألم تعلموا أن بعض النساء إذا رأين الزوج أو الزوجة على وجهٍ قبيحٍ في نظرهن جعلن يسخرن بهما وينشرن قبحهما في مجتمعات الناس أما إذا كان الزوج والزوجة جميلة فإن كوامن غرائز النساء سوف تتحرك في هذه الغمرة غمرة الفرح بالعرس وتحت نشوة النكاح فبالله عليكم يا أهل الرجال يا أيها المؤمنون يا أيها العقلاء بالله عليكم ماذا يحصل من الفتنة إنها لفتنةٌ كبيرة ومحنةٌ عظيمة ثم تصوروا ماذا تكون نظرة الزوج إلى زوجته الجديدة وقد شاهد في أولئك النساء من يفوق زوجته جمالاً وشباباً وهيئة لأنه بلا شك ليست زوجته الجديدة أجمل النساء ولا أحسنهن هيئة ولا أقومهن شباباً ماذا تكون حال الزوج حينئذٍ؟ قد يقول الزوج رغبةٌ في زوجته وشغفٌ في الاجتماع إليها ولكن عندما يشاهد في هؤلاء النساء من يفوقها جمالاً وشباباً وهيئة ربما تتحول رغبته ويزول شغفه ويتعلق قلبه بما شاهده في هذا المحفل لا بمن تزوج بها وتكون الكارثة بين الزوجين فيكون كارهاً لزوجته من أول ليلة التقى بها وهذا أمرٌ واقعٌ وواضح ولقد بلغنا أن هذا المشهد المحرم المنافي لخلق الحياء يصحبه إلتقاط صورٍ له بآلة التصوير التي يحملها بعض النساء فما أدري أيها الناس ما الذي سوغ لهؤلاء النساء أن يلتقطن صور الحفل لينشر بين الناس بقصد أو بغير قصد أيظن أولئك الملتقطات للصور أن أحداً يرضى بفعلهن إنني لا أظن أن أحداً يرضى أن تؤخذ صورة أبنته أو أخته أو زوجته لتكون بين أيدي أولئك المعتديات الملتقطات للصور ليعرضنها على من شئن متى عرضن هل يرضى أحد أن تكون صور محارمه بين أيدي الناس لتكون محلاً للسخرية إن كانت قبيحة ومساراً للفتنة إن كانت جميلة لتكون متحدث الناس في كل مجلس ولهذا فإني أقول من على هذا المنبر إن هذا الحفل لا يجوز لأحد أن يلبي دعوة من دعى إليه إلا إذا حضر أمكنه أن يقضي على هذا المنكر وأن يمنعه وإلا فلا يجوز له الحضور حتى ولو كان أقرب الناس إليه لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ولقد بلغني ما هو أفدح من هذا وأقبح وهو أن بعض المعتدين يحضرون آلة الفيديو ليلتقطوا صور المحفل حية فيعرضوها على أنفسهم وعلى غيرهم كلما أرادوا التمتع بالنظر إلى هذا المشهد وأقبح من ذلك أيضاً أن بعض هؤلاء يكونون من الشباب الذكور مختلطين بالنساء أو منفردين ولا يرتابوا عاقلٌ عارفٌ بمصادر الشريعة ومواردها لا يرتاب أن هذا من الأمر المنكر المحرم وأنه انحدارٌ إلى الهاوية في تقليد الكافرين والمتشبهين بهم فكيف نرضى أيها المسلمون كيف نرضى أيها الأخوة المسلمون كيف نرضى وقد سلّم الله بلادنا ولله الحمد من استعمار الكفار بحلول الأوطان كيف نرضى أن نستسلم لاستعمار القلوب بالأخلاق السافلة والأفكار المنحرفة كيف نرضى وقد منّ الله علينا بالتقدم بهذا الدين أن نرجع إلى الوراء بالبعد عن تعاليمه وأخلاقه كيف يليق بنا وقد أعطانا الله تعالى شهامة الرجولة وولاية العقل أن ننتكس فننقاد لسيطرة النساء والسفهاء فربأوا أيها المسلمون بأنفسكم عن السير وراء التيارات الجارفة بدون نظرٍ أو روية وفكروا في العواقب والنتائج قبل حلول البلية إننا متى سرنا وراء كل ما يرد إلينا من أخلاق وعادات بدون نظرٍ في موافقتها للشرع وفي نتائجها وثمراتها فسيحل بنا من البلاء ما لا يمكننا رفعه إنه لا نسب بين الله عز وجل وبين البشر فالله سبحانه وتعالى يقول ) إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ )(الحجرات: من الآية13) فمتى كنا أتقى لله ونسأل الله تعالى أن يجعلنا جميعا من المتقين متى كنا أتقى لله فنحن أكرم عنده ومتى كنا على العكس فإن الله تعالى لا يبالي بنا إن علينا أن نقابل هذه التيارات الجارفة والعادات القبيحة بقوة المؤمن وشجاعة الحازم وأن لا ندع لها مكاناً في مجتمعنا لنكون أمةً رفيعةً منيعة تعتز بدينها وتلازم تقاليدها النابعة من شريعة الله إننا ولله الحمد في بلادٍ محافظة على دينها وأخلاقها وتقاليدها المستمدة من دينها فلنحذر أن تخرق هذه العادات القبيحة التي وردت إلينا سياج مجتمعنا وتفرق كلمتنا وتنشر بيننا فوضى الأخلاق والسفالة أيها الناس إن أخذ صورةٍ للزوج وزوجته عند أول لقاء لا يزيدهما إيماناً بالله ولا تنفيذاً لشريعة الله ولا مودةً في القلب ولا صحةً في الجسم ولا نموءاً في المال ولا كثرة في الولد وإنما هو المنكر الذي قد تحل به العقوبة فتعم الصالح والفاسد فاتقوا الله عباد الله وتناصحوا فيما بينكم وامنعوا هذه العادات القبيحة أن تنتشر بينكم فتحل بكم عقوبة الله وأسمعوا قول الله عز وجل )وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (لأنفال:25)وأسمعوا قوله تعالى )أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَائِمُونَ) (لأعراف:97) )أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحىً وَهُمْ يَلْعَبُونَ) (لأعراف:98) )أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ) (لأعراف:99)اللهم إنا نسألك في مقامنا هذا ونحن في انتظار فريضةٍ من فرائضك لبينا دعوتك فحضرنا إلى هذا المقام إلى هذا المكان نسألك اللهم أن توفقنا لما فيه الخير والصلاح والسداد والرشاد والفلاح والإصلاح يا رب العالمين اللهم اجعلنا أمةً مؤمنة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتدعو إلى الخير بإذن الله اللهم أغفر لنا وارحمنا إنك أنت الغفور الرحيم اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.