أبحرت في دراسة المذكرة
وأحببتُ أن أنقل منها ما يلي لنقل الفائدة للجميع
نسب المهدي وشيئًا من صفاته
لقد ورد بذلك السنة الصحيحة ، وأن اسمه كاسم النبي e ، فيكون اسم أبيه كاسم والد النبي e ، فيكون اسمه : محمد بن عبدالله ، وهو من ذرية فاطمة بنت رسول الله e ، ومن ولد الحسن بن علي - رضي الله عنهما - . قال ابن كثير : (( وهو محمد بن عبدالله العلوي الفاطمي الحسني t)) ا.هـ
فعن عبدالله بن مسعود t قال : قال رسول الله e : (( لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوَّل الله ذلك اليوم حتى يبعث الله فيه رجلاً مني ، أو : من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي ، واسم أبيه اسم أبي ، يملأ الأرض قسطًا وعدلاً كما ملئت جورًا وظلمًا ، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض يقسم المال صحاحًا)) . فقال رجل : ما صحاحًا ؟ قال : (( بالسوية بين الناس )) وهذا سنده صحيح ورجاله ثقات . وفي رواية أخرى : (( لا تنقضي الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي )) .
فهذه الأحاديث فيها دلالة واضحة على نسب المهدي واسمه ، ونزيد ذلك استدلالاً فنقول : عن أم سلمة - رضي الله عنها - قالت : سمعت رسول الله e يقول : (( المهدي من عترتي من ولد فاطمة )) رواه أبو داود وابن ماجه والحاكم بإسنادٍ حسن .
وعن علي t قال : قال رسول الله e : (( المهدي منا آل البيت يصلحه الله في ليلة )) رواه الإمام أحمد بسندٍ صحيح ، فهذا يؤكد أن المهدي من آل بيت رسول الله e ، وهو مذهب جماهير الأمة فلا يسوغ العدول عنه ولا الالتفات لغيره ، فهذا بالنسبة لاسمه ونسبه وأدلة ذلك ، وهو الشطر الأول للسؤال .
وأما الشطر الثاني : ففي بيان صفته ، فقد ثبت في السنة الصحيحة أنه خفيف شعر النـزعتين عن الصدغين إذ قد ذهب شعر رأسه إلى نصفيه .
ومن صفاته : أنه طويل الأنف دقيق عند أرنبته مع حدب في وسطه ، ففي حديث أبي سعيد الخدري t قال : سمعت رسول الله e يقول : (( المهدي مني ، أجلى الجبهة ، أقنى الأنف ، يملأ الأرض قسطًا وعدلاً كما ملئت جورًا وظلمًا ، ويملك سبع سنين )) رواه الإمام أحمد وأبو داود والحاكم وسنده حسن، بل وقد أشار الألباني إلى صحته كما في تخريج المشكاة، فقوله : (( أجلى الجبهة )) هو خفيف شعر ما بين النـزعتين من الصدغين ، والذي انحسر الشعر عن جبهته ، وقوله : (( أقنى الأنف )) القنا في الأنف طول ورقة أرنبته مع حدبٍ في وسطه ، ذكر ذلك صاحب النهاية .
ومن صفاته : أنه كان بعيدًا عن الصلاح ثم يوفقه الله تعالى للتوبة ويلهمه رشده كما في حديث علي السابق يرفعه : (( المهدي منا آل البيت يصلحه الله في ليلة )) .
هذا ما نعرفه من صفته والأمر غيب ويحتاج إلى دليل صريح صحيح ، ودعك من خزعبلات المتهوكين وتحريفات الشياطين وخرافات المهاويس الذين يضفون عليه من الصفات الخلقية ما لا دليل عليه ، والله أعلى وأعلم .
هل أحاديث المهدي في صفته وخروجه بلغت مبلغ التواتر أم أنها من الآحاد ؟
الأحاديث في خروج المهدي قد بلغت مبلغ التواتر المعنوي ، وقد نص على ذلك الحافظ أبو الحسن الآبري ، والعلامة محمد البرزنجي في كتابه الإشاعة ، والإمام السفاريني في لوامع الأنوار ، والإمام الشوكاني وقد ألَّف رسالة في ذلك ، والشيخ صديق خان ، والشيخ محمد بن جعفر الكتاني كما في نظم المتواتر ، لكن ننبه على عدة أمور :
الأول : أن التواتر الذي ينص عليه أهل العلم هنا إنما يعنون به التواتر المعنوي ، وهو اتفاق المعنى مع اختلاف في اللفظ ، وهو قسيم التواتر اللفظي .
الثاني : أن أحاديث المهدي قد صح منها طرف كبير ، ومع صحة الحديث فإنه يجب قبوله واعتماد مدلوله ، ولا يشترط في إثبات الاعتقاد أن يكون النص متواترًا ، فإن هذا مسلك المبتدعة ، فلو أنه لم يصح في المهدي إلى حديث واحد فإنه يجب الإيمان به ؛ لأن المتقرر عند أهل السنة أن أخبار الآحاد حجة كما بحثنا هذه القاعدة في كتابنا تحرير القواعد ، فكيف وقد وصلت أحاديث - أعني أحاديث المهدي الصحيحة - إلى درجة التواتر المعنوي ؟
الثالث : اعلم أن خروجه علامة من علامات الساعة الكبرى ، وبناءً عليه فيكون ذلك في آخر الزمان ، ولكن بلا تحديد زمن بعينه لعدم ورود ما يصح بذلك ، وإنما العلامة لخروجه امتلاء الأرض ظلمًا وجورًا كما صح بذلك الحديث السابق .
الرابع : اعلم أننا متعبدون بالإيمان به وبما صح من اسمه ونسبه وصفاته ، وبمبايعته لو خرج ونحن أحياء ، إذا ثبت عندنا أنه المهدي الذي صحت به الأحاديث وثبتت به الآثار ، ولا نكلف أنفسنا شيئًا لم نكلف به مما لا دليل عليه .
الخامس : اعلم أن الرافضة المتهوكين يريدون أن يجعلوا هذا الفضل لإمامهم المزعوم في سرداب سامراء ، فهم ينتظرون خروجه ، فإن هذا نوع من الهذيان وقسط كبير من الخذلان وهوس شديد من الشيطان ، والله أعلى وأعلم .
* * *
كيف نجمع بين أحاديث إثبات خروج المهدي وحـديث : ( لا مهـدي إلا عيسى ابن مريم ) ؟
هذا الحديث رواه ابن ماجه والحاكم عن أنس يرفعه للنبي e ، ويجاب عنه بأنه حديث ضعيف لا يثبت مثله ؛ لأن مداره على محمد بن خالد الجندي ، وقد قال الذهبي : (( قال الأزدي : منكر الحديث )) . وقال أبو عبدالله الحاكم : (( مجهول )) . ثم قال الذهبي بعد روايته للحديث المذكور : (( وهذا خبر منكر ))ا.هـ .
وقد ضعفه أبو العباس ابن تيمية t فقال في المنهاج : (( هذا الحديث ضعيف ، وقد اعتمد أبو محمد بن الوليد البغدادي وغيره عليه وليس هو مما يعتمد عليه . ورواه ابن ماجه عن يونس عن الشافعي والشافعي رواه عن رجل من أهل اليمن يقال له محمد بن خالد الجندي وهو ممن لا يحتج به وليس هذا في مسند الشافعي . وقد قيل : إن الشافعي لم يسمعه من الجندي وإن يونس لم يسمعه من الشافعي )) ا.هـ كلام ابن تيمية .
وقال الحافظ ابن حجر في التقريب : (( مجهول )) .
فخلاصة القول فيه أنه حديث ضعيف ، ومن المعلوم أن الأحكام الشرعية لا تثبت إلا بالأحاديث الصحيحة الصريحة ، وإذا سلمنا تنـزلاً أنه حديث حسن كما ذكره الإمام ابن كثير فيجاب عنه بجوابين :
أحدهما : أنه شاذ ؛ لأنه لا يقدر على مقاومة الأحاديث التي بلغت مبلغ التواتر في خروج المهدي ، وقد تقرر في قواعد الحديث أن الشاذ قسم من أقسام الضعيف .
الثاني : أن يصار إلى الجمع ، فيقال : إن قوله : ( لا مهدي إلا عيسى ) ليس يراد به نفي الوجود والحقيقة وإنما يراد به نفي الكمال ، أي لا مهدي كاملاً إلا عيسى ، ولا شك أن عيسى - عليه السلام - أكمل في الهداية من المهدي .
ولكن كما ذكرت لك أن هذين الجوابين على تسليم فرض صحة الحديث المذكور ، وبذلك فلا يكون ثمة إشكال أو تعارض ، وقد ذكر هذا الجواب الثاني الإمام أبو عبدالله القرطبي في التذكرة ، والله أعلم .
والخلاصة أن الأجوبة عن هذا الحديث ثلاثة :
الأول : أنه ضعيف .
الثاني : أنه شاذ .
الثالث : أن المنفي هو الكمال ، والله أعلم .
من مذكرتي
ومن هنا على عشاق الجنة
” إتحاف أولي الألباب بمعرفة التوحيد والعقيدة في سؤال وجواب “
وأحببتُ أن أنقل منها ما يلي لنقل الفائدة للجميع
نسب المهدي وشيئًا من صفاته
لقد ورد بذلك السنة الصحيحة ، وأن اسمه كاسم النبي e ، فيكون اسم أبيه كاسم والد النبي e ، فيكون اسمه : محمد بن عبدالله ، وهو من ذرية فاطمة بنت رسول الله e ، ومن ولد الحسن بن علي - رضي الله عنهما - . قال ابن كثير : (( وهو محمد بن عبدالله العلوي الفاطمي الحسني t)) ا.هـ
فعن عبدالله بن مسعود t قال : قال رسول الله e : (( لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوَّل الله ذلك اليوم حتى يبعث الله فيه رجلاً مني ، أو : من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي ، واسم أبيه اسم أبي ، يملأ الأرض قسطًا وعدلاً كما ملئت جورًا وظلمًا ، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض يقسم المال صحاحًا)) . فقال رجل : ما صحاحًا ؟ قال : (( بالسوية بين الناس )) وهذا سنده صحيح ورجاله ثقات . وفي رواية أخرى : (( لا تنقضي الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي )) .
فهذه الأحاديث فيها دلالة واضحة على نسب المهدي واسمه ، ونزيد ذلك استدلالاً فنقول : عن أم سلمة - رضي الله عنها - قالت : سمعت رسول الله e يقول : (( المهدي من عترتي من ولد فاطمة )) رواه أبو داود وابن ماجه والحاكم بإسنادٍ حسن .
وعن علي t قال : قال رسول الله e : (( المهدي منا آل البيت يصلحه الله في ليلة )) رواه الإمام أحمد بسندٍ صحيح ، فهذا يؤكد أن المهدي من آل بيت رسول الله e ، وهو مذهب جماهير الأمة فلا يسوغ العدول عنه ولا الالتفات لغيره ، فهذا بالنسبة لاسمه ونسبه وأدلة ذلك ، وهو الشطر الأول للسؤال .
وأما الشطر الثاني : ففي بيان صفته ، فقد ثبت في السنة الصحيحة أنه خفيف شعر النـزعتين عن الصدغين إذ قد ذهب شعر رأسه إلى نصفيه .
ومن صفاته : أنه طويل الأنف دقيق عند أرنبته مع حدب في وسطه ، ففي حديث أبي سعيد الخدري t قال : سمعت رسول الله e يقول : (( المهدي مني ، أجلى الجبهة ، أقنى الأنف ، يملأ الأرض قسطًا وعدلاً كما ملئت جورًا وظلمًا ، ويملك سبع سنين )) رواه الإمام أحمد وأبو داود والحاكم وسنده حسن، بل وقد أشار الألباني إلى صحته كما في تخريج المشكاة، فقوله : (( أجلى الجبهة )) هو خفيف شعر ما بين النـزعتين من الصدغين ، والذي انحسر الشعر عن جبهته ، وقوله : (( أقنى الأنف )) القنا في الأنف طول ورقة أرنبته مع حدبٍ في وسطه ، ذكر ذلك صاحب النهاية .
ومن صفاته : أنه كان بعيدًا عن الصلاح ثم يوفقه الله تعالى للتوبة ويلهمه رشده كما في حديث علي السابق يرفعه : (( المهدي منا آل البيت يصلحه الله في ليلة )) .
هذا ما نعرفه من صفته والأمر غيب ويحتاج إلى دليل صريح صحيح ، ودعك من خزعبلات المتهوكين وتحريفات الشياطين وخرافات المهاويس الذين يضفون عليه من الصفات الخلقية ما لا دليل عليه ، والله أعلى وأعلم .
هل أحاديث المهدي في صفته وخروجه بلغت مبلغ التواتر أم أنها من الآحاد ؟
الأحاديث في خروج المهدي قد بلغت مبلغ التواتر المعنوي ، وقد نص على ذلك الحافظ أبو الحسن الآبري ، والعلامة محمد البرزنجي في كتابه الإشاعة ، والإمام السفاريني في لوامع الأنوار ، والإمام الشوكاني وقد ألَّف رسالة في ذلك ، والشيخ صديق خان ، والشيخ محمد بن جعفر الكتاني كما في نظم المتواتر ، لكن ننبه على عدة أمور :
الأول : أن التواتر الذي ينص عليه أهل العلم هنا إنما يعنون به التواتر المعنوي ، وهو اتفاق المعنى مع اختلاف في اللفظ ، وهو قسيم التواتر اللفظي .
الثاني : أن أحاديث المهدي قد صح منها طرف كبير ، ومع صحة الحديث فإنه يجب قبوله واعتماد مدلوله ، ولا يشترط في إثبات الاعتقاد أن يكون النص متواترًا ، فإن هذا مسلك المبتدعة ، فلو أنه لم يصح في المهدي إلى حديث واحد فإنه يجب الإيمان به ؛ لأن المتقرر عند أهل السنة أن أخبار الآحاد حجة كما بحثنا هذه القاعدة في كتابنا تحرير القواعد ، فكيف وقد وصلت أحاديث - أعني أحاديث المهدي الصحيحة - إلى درجة التواتر المعنوي ؟
الثالث : اعلم أن خروجه علامة من علامات الساعة الكبرى ، وبناءً عليه فيكون ذلك في آخر الزمان ، ولكن بلا تحديد زمن بعينه لعدم ورود ما يصح بذلك ، وإنما العلامة لخروجه امتلاء الأرض ظلمًا وجورًا كما صح بذلك الحديث السابق .
الرابع : اعلم أننا متعبدون بالإيمان به وبما صح من اسمه ونسبه وصفاته ، وبمبايعته لو خرج ونحن أحياء ، إذا ثبت عندنا أنه المهدي الذي صحت به الأحاديث وثبتت به الآثار ، ولا نكلف أنفسنا شيئًا لم نكلف به مما لا دليل عليه .
الخامس : اعلم أن الرافضة المتهوكين يريدون أن يجعلوا هذا الفضل لإمامهم المزعوم في سرداب سامراء ، فهم ينتظرون خروجه ، فإن هذا نوع من الهذيان وقسط كبير من الخذلان وهوس شديد من الشيطان ، والله أعلى وأعلم .
* * *
كيف نجمع بين أحاديث إثبات خروج المهدي وحـديث : ( لا مهـدي إلا عيسى ابن مريم ) ؟
هذا الحديث رواه ابن ماجه والحاكم عن أنس يرفعه للنبي e ، ويجاب عنه بأنه حديث ضعيف لا يثبت مثله ؛ لأن مداره على محمد بن خالد الجندي ، وقد قال الذهبي : (( قال الأزدي : منكر الحديث )) . وقال أبو عبدالله الحاكم : (( مجهول )) . ثم قال الذهبي بعد روايته للحديث المذكور : (( وهذا خبر منكر ))ا.هـ .
وقد ضعفه أبو العباس ابن تيمية t فقال في المنهاج : (( هذا الحديث ضعيف ، وقد اعتمد أبو محمد بن الوليد البغدادي وغيره عليه وليس هو مما يعتمد عليه . ورواه ابن ماجه عن يونس عن الشافعي والشافعي رواه عن رجل من أهل اليمن يقال له محمد بن خالد الجندي وهو ممن لا يحتج به وليس هذا في مسند الشافعي . وقد قيل : إن الشافعي لم يسمعه من الجندي وإن يونس لم يسمعه من الشافعي )) ا.هـ كلام ابن تيمية .
وقال الحافظ ابن حجر في التقريب : (( مجهول )) .
فخلاصة القول فيه أنه حديث ضعيف ، ومن المعلوم أن الأحكام الشرعية لا تثبت إلا بالأحاديث الصحيحة الصريحة ، وإذا سلمنا تنـزلاً أنه حديث حسن كما ذكره الإمام ابن كثير فيجاب عنه بجوابين :
أحدهما : أنه شاذ ؛ لأنه لا يقدر على مقاومة الأحاديث التي بلغت مبلغ التواتر في خروج المهدي ، وقد تقرر في قواعد الحديث أن الشاذ قسم من أقسام الضعيف .
الثاني : أن يصار إلى الجمع ، فيقال : إن قوله : ( لا مهدي إلا عيسى ) ليس يراد به نفي الوجود والحقيقة وإنما يراد به نفي الكمال ، أي لا مهدي كاملاً إلا عيسى ، ولا شك أن عيسى - عليه السلام - أكمل في الهداية من المهدي .
ولكن كما ذكرت لك أن هذين الجوابين على تسليم فرض صحة الحديث المذكور ، وبذلك فلا يكون ثمة إشكال أو تعارض ، وقد ذكر هذا الجواب الثاني الإمام أبو عبدالله القرطبي في التذكرة ، والله أعلم .
والخلاصة أن الأجوبة عن هذا الحديث ثلاثة :
الأول : أنه ضعيف .
الثاني : أنه شاذ .
الثالث : أن المنفي هو الكمال ، والله أعلم .
من مذكرتي
ومن هنا على عشاق الجنة
” إتحاف أولي الألباب بمعرفة التوحيد والعقيدة في سؤال وجواب “