عجوز بنى اسرائيل
يرى بعض المؤرخين أن بني إسرائيل خرجوا من مصر بقيادة موسى في عهد رمسيس الثاني وقيل في عهد ( منفتاح بن رمسيس الثاني) حوالي سنة 1213 ق م بعد أن طالبه موسى أكثر من مرة بأن يرسل معه بني إسرائيل ليخرجوا إلى أرض الشام وقد وردت قصة خروج بني إسرائيل من مصر إلى أرض الشام في مواضع متعددة من القرآن الكريم ومن ذلك قولة تعالى {وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لَّا تَخَافُ دَرَكاً وَلَا تَخْشَى فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى} قال الإمام ابن كثير {لما طال مقام موسى ببلاد مصر وأقام بها حجج الله وبراهينه على فرعون وملئه وهم مع ذلك يكابرون ويعاندون لم يبق لهم إلا العذاب والنكال فأمر الله موسى أن يخرج ببني إسرائيل ليلا من مصر وأن يمضى بهم حيث يؤمر ففعل موسى ما أمره به ربه وخرج بهم وقت طلوع القمر وعن مجاهد أنه كسف قمر تلك الليلة}وورد أنهم حملوا تابوت يوسف معهم عند خروجهم وكان وقت طلوع القمر وكانوا نسوا وصية يوسف لهم أن يحملوه معهم عند خروجهم من مصر فكُسفَ القمرُ فأظلموا فأخبر علماؤهم موسى ذلك إن يوسف عاهدهم أن يحملوه معهم عند خروجهم من مصر وقد نسوا ذلك فسأل موسى عن قبر يوسف فدلَّته امرأة عجوز من بني إسرائيل فاحتمل موسى تابوته معهم بنفسه كما أوصاهم وهنا لطيفة من لطائف أحاديث النبى صلي الله عليه وسلم إذ ورد في الحديث الشريف {أَتَى النَّبِيُّ أَعْرَابِياً فَأَكْرَمَهُ فَقَالَ لَهُ: ائْتِنَا فَأَتَاهُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ: سَلْ حَاجَتَكَ قَالَ: نَاقَةٌ نَرْكَبُهَا وَأَعْنُزٌ يَحْلِبُهَا أَهْلِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّه: أَعَجَزْتُمْ أَنْ تَكُونُوا مِثْلَ عَجُوزِ بَنِي إِسْرَائِيلَ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَما عَجُوزُ بَنِي إِسْرَائِيلَ؟ قَالَ: إنَّ مُوسَى لمَّا سَارَ بِبَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ مِصْرَ ضَلُّوا الطَّرِيقَ فَقَالَ: مَا هذَا؟ فَقَالَ عُلَمَاؤُهُمْ: إِنَّ يُوسُفَ لَمَّا حَضَرَهُ المَوْتُ أَخَذَ عَلَيْنَا مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ أَنْ لا نَخْرُجَ مِنْ مِصْرَ حَتَّى نَنْقُلَ عِظَامَهُ مَعَنَا قَالَ: فَمَنْ يَعْلَمُ مَوْضِعَ قَبْرِهِ؟ قَالَ: عَجُوزٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَبَعَثَ إِلَيْهَا فَأَتَتْهُ فَقَالَ: دُلِّيني عَلَى قَبْرِ يُوسُفَ قالَتْ: حَتَّى تُعْطِيني حُكْمِي قَالَ: وَمَا حُكْمُكِ؟ قَالَتْ: أَكُونُ مَعَكَ فِي الْجَنَّةِ فَكَرِهَ أَنْ يُعْطِيَهَا ذلِكَ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: أَنْ أَعْطِهَا حُكْمَهَا – وإختصاراً فدلتهم فحفروا وحملوه- وَإِذَا الطَّرِيقُ مِثْلُ ضَوْءِ النَّهَارِ}[1] فخرجوا فلما أصبح قوم فرعون وليس في ناديهم داع ولا مجيب غاظ فرعون ذلك وأشتد غضبه على بني إسرائيل لما يريد الله به من الدمار فأرسل سريعا في بلاده من يحشر الجند ويجمعهم للإيقاع ببني إسرائيل وكان بنو إسرائيل قد استعاروا حلى وذهب جيرانهم ومعارفهم من المصريين قبل خروجهم ولم يعيدوه لهم بل أخذوه وخرجوا ويعلق أحد المؤرخين على قصة استلاب بنى إسرائيل لحلى المصريين عند خروجهم فيقول [ويلفت النظر خاصة ما جاء في التوراة من سلب رجال ونساء بني إسرائيل أمتعة جيرانهم الذهبية والفضية بحيلة الاستعارة ونسبة ذلك إلى الله تعالى ومهما كان من أمر فإن تسجيل هذا الخبر بهذا الأسلوب يدل على ما كان وظل يتحكم في نفوس بني إسرائيل من فكرة استحلال أموال الغير وسلبها بأية وسيلة ولو لم تكن حالة حرب ودفاع عن النفس كما أنه كان ذا أثر شديد بدون ريب في رسوخ هذا الخلق العجيب في ذراريهم ممن دخل في دينهم من غير جنسهم] ووصل موسى وبنو إسرائيل للبحر وفرعون وجنده من ورائهم وبنو إسرائيل يضجون بالشكوى أنهم مدركون فأمر الله موسى فضرب بعصاه البحر فانفلق وظهر فيه اثنا عشر طريقاً لكلّ سبط طريق قيل كانوا ستمائة ألف فكل سبط خمسون ألفا وأرسل الله الريح والشمس في الحال على قاعه حتى صار يبساً [2] فخاضت بنو إسرائيل البحر كل سبط في طريق وعن جانبه الماء كالجبل الضخم ولا يرى بعضهم بعضاً فخافوا وقال كل سبط قد غرق كل إخواننا فأوحى الله إلى حال الماء أن تشبّكي فصار الماء شبكات يرى بعضهم بعضا ويسمع بعضهم كلام بعض حتى عبروا البحر سالمين ثم وصل فرعون إلى البحر فرآه منفلقاً فمن كبره قال لقومه: انظروا قد انفلق لهيبتي حتى أدرك أعدائي أدخلوا البحر فهابوا وكانت خيل فرعون كلها ذكوراً فجاء جبرائيل على فرس أنثى وديق فتقدّمهم فخاض البحر فشمّت الخيول ريحها فاقتحمت البحر في أثرها حتى خاضوا كلهم في الشق وجاء ميكائيل على فرس خلف القوم يستحثهم ويقول لهم:الحقوا بأصحابكم وهكذا اندفعوا في إثر بعضهم حتى إذا خرج جبرائيل من البحر وقبل أن يخرج أولهم أمر الله البحر أن يأخذهم والتطم عليهم فأغرقهم أجمعين وذلك بمرأى من بني إسرائيل وبعد أن رأوا غرق فرعون بأعينهم سار بهم موسى إلى أرض فلسطين بالشام مؤملا أن يصبحوا أمة قوية بإيمانها وصالح عملها فقد ترتب على خروجهم من مصر وهلاك فرعون أن أصبحوا أحرارا في شئونهم وأحوالهم بعد أن كانوا يذوقون في مصر سوء العذاب على أيدي فرعون وجنده [1] صحيح ابن حبان عن أبي موسى، والمستدرك على الصحيحين، ومجمع الزوائد [2] هنا لطيفة: قال سعيد بن جبير: أرسل معاوية إلى ابن عباس فسأله عن مكان لم تطلع فيه الشمس إلاّ مرة واحدة؟ فكتب إليه: إنه المكان الذي انفلق منه البحر لبني إسرائيل. منقول من كتاب [بنو اسرائيل ووعد الاخرة] http://www.fawzyabuzeid.com/table_bo...)?&id=86&cat=2 | ||