[center]
[center]تابعالباب السّابع:" التّرغيب في التّسبيح،والتّكبير،والتّهليل،والتّحميد على اختلاف أنواعه".
وَعَنْ أَبِي سَلْمى رضي الله عنهرَاعِي رَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّمأنّ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّمقال:
(( بَخٍ بَخٍ لخَمْسٍ مَا أَثْقَلَهُنَّ فِي الْمِيزَانِ!: " لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَسُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَاللهُ أَكْبَرُ"، وَالْوَلَدُ الصَّالِحُ يُتَوَفَّى لِلْمَرْءِ المُسْلِمِفَيَحْتَسِبُهُ)).
[رواه النّسائي- واللّفظ له -، وابن حبّان في "صحيحه"، والحاكم، وصحّحه].
-ورواه البزّار بلفظه من حديث ثوبان رضي الله عنه، وحسّن إسناده. -ورواه الطّبراني في "الأوسط" من حديث سفينةَ، ورجاله رجال "الصّحيح".
شرح الحديث:
- قوله: ( بَخٍبَخٍ): ومنه قول العرب عن الأشياء المستعظمة: ( مبخبخة) أي يقال فيها (بخ بخ) [انظر "اللّسان" (1/253) تحت مادّة ج ب ب، وخ ب ب، وب خ خ].
وتقول العرب: بخبخالرّجل إذا قال بخْ بخْ، ورجل بخٌّأي: سَرِيٌّّ وشريف، وقال ابن الأنباري رحمه الله: ( بخ بخ) معناه تعظيم الأمر، قال الأزهريّ رحمه الله: هي كقولك عجبا.
وقد تقول العرب: بَهْ بَهْ، كما في حديث مسلم عن أنَسِ بنِ سِيرِينَ قال: سأَلْتُ ابنَ عُمَرَ رضي الله عنهما: مَا أَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الصُّبْحِ ؟ فَقَالَ ابنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: كانَ رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّميُصَلِّي بِاللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى وَيُوتِرُ بِرَكْعَةٍ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، قالَ أَنَسٌ: قُلْتُ: فَإِنَّمَا أَسْأَلُكَ مَا أَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الصُّبْحِ ؟ فَقَالَ: بَهْ بَهْ! إِنَّكَ لَضَخْمٌ !...".
- قوله: ( لِخَمْسٍ ): هنّ أربع كلمات، والخامسة هي: فَقْدُ المسلم والمسلمة الولدَ الصّالح.
ووصف هذه الخمس بقوله: (( مَا أَثْقَلَهُنَّ فِي المِيزَانِ!)): أمّا الكلمات الأربع فقد شرحنا معانيَها ووجهَ ثقلها في الميزان فيما سبق.
أمّا فَقْدُ الولد الصّالح؛ فلأجل ما في الصّبر عليه من الأجر والثّواب، قال بعض السّلف في تفسير قوله تعالى:{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} [البقرة:155]، قالوا: نقص من الثّمرات هو موت الولد.
وأيّدوا ذلك بما رواه التّرمذي وأحمد عن أبي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رضي الله عنهأنّ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّمقال:
(( إِذَا مَاتَ وَلَدُ الْعَبْدِ، قَالَ اللهُ لِمَلَائِكَتِهِ: قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ.
فَيَقُولُ: قَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ.
فَيَقُولُ: مَاذَا قَالَ عَبْدِي؟ فَيَقُولُونَ: حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ.
فَيَقُولُ اللهُ: ابْنُوا لِعَبْدِي بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ، وَسَمُّوهُ بَيْتَ الْحَمْدِ.
لذلك صحّح النبيّ صلّى الله عليه وسلّممفهوم الرّقوب لأمّته، فقد روى مسلم عن عبدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنهقالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( مَا تَعُدُّونَ الرَّقُوبَ فِيكُمْ؟)) قَالَ: قُلْنَا: الَّذِي لَا يُولَدُ لَهُ؟ قَالَ: (( لَيْسَ ذَاكَ بِالرَّقُوبِ، وَلَكِنَّهُ الرَّجُلُ الَّذِيلَمْ يُقَدِّمْ مِنْ وَلَدِهِ شَيْئًا)).
قال النّووي رحمه الله:" وأصل الرّقوب في كلام العرب: الّذي لا يعيش له ولد. ومعنى الحديث أنكم تعتقدون أنّ الرّقوب المحزون هو المصاب بموت أولاده، وليس هو كذلك شرعا، بل هو من لم يمت أحد من أولاده في حياته فيحتسبه يكتب له ثواب مصيبته به، وثوابصبره عليه، ويكون له فرطا وسلفا"اهـ.
والله الموفّق لا ربّ سواه.