الحمد لله حمد الشاكرين، والحمد لله في كل وقت وحين. الحمد لله حمداً على كل النعم.. والحمد لله على حمد النعم.. والحمد لله حمداً يليق برب النعم.. فيا ربنا لك الحمد حمدا كثيرا طيبا والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسللم وبعد :
الآيات الواردة في ذم الدنيا وأمثلتها كثيرة ، وأكثر القرآن مشتمل على ذم الدنيا ، وصرف الخلق عنها ، وعودتهم إلى الآخرة ، بل هو مقصود الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، ولم يبعثوا إلا لذلك ، فلا حاجة إلى الاستشهاد بآيات القرآن ؛ لظهورها ، وإنما نورد بعض الأخبار الواردة فيها :
فقد روي أن رسول الله - - مر على شاة ميتة ، فقال : " أترون هذه الشاة هينة على أهلها ؟ " قالوا : " من هوانها ألقوها " ، قال : " والذي نفسي بيده ، للدنيا أهون على الله من هذه الشاة على أهلها ، ولو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء " ، وقال - - : " حب الدنيا رأس كل خطيئة " ، وقال - - : " إن الدنيا حلوة خضرة ، وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون " .
بيان الدنيا المذمومة :
اعلم أن معرفة ذم الدنيا لا تكفيك ما لم تعرف الدنيا المذمومة ما هي ، وما الذي ينبغي أن يجتنب منها وما الذي لا يجتنب ، فلا بد وأن نبين الدنيا المذمومة المأمور باجتنابها - لكونها عدوة قاطعة لطريق الله - ما هي ، فنقول :
دنياك وآخرتك عبارة عن حالتين من أحوال قلبك ، فالقريب الداني يسمى دنيا ، وهو كل ما قبل الموت ، والمتراخي المتأخر يسمى آخرة ، وهو ما بعد الموت ، فكل ما لك فيه حظ ونصيب ، وغرض ، وشهوة ، ولذة - عاجل الحال قبل الوفاة ، فهي الدنيا في حقك ، إلا أن جميع ما لك إليه ميل وفيه نصيب وحظ فليس بمذموم ، بل هو ثلاثة أقسام :
القسم الأول : ما يصحبك في الآخرة ويبقى معك ثمرته بعد الموت ، وهو العلم النافع والعمل الصالح .
القسم الثاني : وهو المقابل له على الطرف الأقصى : كل ما فيه حظ عاجل ولا ثمرة له في الآخرة أصلا ، كالتلذذ بالمعاصي كلها ، والتنعم بالمباحات الزائدة على قدر الحاجات ، والضرورات الداخلة في جملة الرفاهية والرعونات - أي في السرف - فحظ العبد من هذا كله هي الدنيا المذمومة .
القسم الثالث : وهو متوسط بين الطرفين : كل حظ عاجل معين على أعمال الآخرة ، وهو ما لا بد منه ليتأتى للإنسان البقاء والصحة التي بها يصل إلى العلم والعمل ، وهذا ليس من الدنيا كالقسم الأول ؛ لأنه معين على الأول ووسيلة إليه ، فمهما تناوله العبد على قصد الاستعانة به على العلم والعمل لم يكن به متناولا للدنيا ، ولم يصر به من أبناء الدنيا ، وكانت الدنيا في حقه مزرعة للآخرة ، وإن أخذ ذلك بقصد حظ النفس فهو من الدنيا . فإذن الدنيا : حظ نفسك العاجل الذي لا حاجة إليه لأمر الآخرة ، ويعبر عنه بالهوى ، وإليه الإشارة بقوله تعالى : ( ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى ) [ النازعات : 40 ، 41 ] ومجامع الهوى خمسة أمور ، وهي ما جمعه الله تعالى في قوله : ( أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد ) [ الحديد : 20 ] .
والأعيان التي تحصل منها هذه الخمسة سبعة ، يجمعها قوله تعالى : ( زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا ) [ آل عمران : 14 ] وبالجملة فكل ما ليس لله فهو من الدنيا ، وما هو لله فذلك ليس من الدنيا .
الآيات الواردة في ذم الدنيا وأمثلتها كثيرة ، وأكثر القرآن مشتمل على ذم الدنيا ، وصرف الخلق عنها ، وعودتهم إلى الآخرة ، بل هو مقصود الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، ولم يبعثوا إلا لذلك ، فلا حاجة إلى الاستشهاد بآيات القرآن ؛ لظهورها ، وإنما نورد بعض الأخبار الواردة فيها :
فقد روي أن رسول الله - - مر على شاة ميتة ، فقال : " أترون هذه الشاة هينة على أهلها ؟ " قالوا : " من هوانها ألقوها " ، قال : " والذي نفسي بيده ، للدنيا أهون على الله من هذه الشاة على أهلها ، ولو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء " ، وقال - - : " حب الدنيا رأس كل خطيئة " ، وقال - - : " إن الدنيا حلوة خضرة ، وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون " .
بيان الدنيا المذمومة :
اعلم أن معرفة ذم الدنيا لا تكفيك ما لم تعرف الدنيا المذمومة ما هي ، وما الذي ينبغي أن يجتنب منها وما الذي لا يجتنب ، فلا بد وأن نبين الدنيا المذمومة المأمور باجتنابها - لكونها عدوة قاطعة لطريق الله - ما هي ، فنقول :
دنياك وآخرتك عبارة عن حالتين من أحوال قلبك ، فالقريب الداني يسمى دنيا ، وهو كل ما قبل الموت ، والمتراخي المتأخر يسمى آخرة ، وهو ما بعد الموت ، فكل ما لك فيه حظ ونصيب ، وغرض ، وشهوة ، ولذة - عاجل الحال قبل الوفاة ، فهي الدنيا في حقك ، إلا أن جميع ما لك إليه ميل وفيه نصيب وحظ فليس بمذموم ، بل هو ثلاثة أقسام :
القسم الأول : ما يصحبك في الآخرة ويبقى معك ثمرته بعد الموت ، وهو العلم النافع والعمل الصالح .
القسم الثاني : وهو المقابل له على الطرف الأقصى : كل ما فيه حظ عاجل ولا ثمرة له في الآخرة أصلا ، كالتلذذ بالمعاصي كلها ، والتنعم بالمباحات الزائدة على قدر الحاجات ، والضرورات الداخلة في جملة الرفاهية والرعونات - أي في السرف - فحظ العبد من هذا كله هي الدنيا المذمومة .
القسم الثالث : وهو متوسط بين الطرفين : كل حظ عاجل معين على أعمال الآخرة ، وهو ما لا بد منه ليتأتى للإنسان البقاء والصحة التي بها يصل إلى العلم والعمل ، وهذا ليس من الدنيا كالقسم الأول ؛ لأنه معين على الأول ووسيلة إليه ، فمهما تناوله العبد على قصد الاستعانة به على العلم والعمل لم يكن به متناولا للدنيا ، ولم يصر به من أبناء الدنيا ، وكانت الدنيا في حقه مزرعة للآخرة ، وإن أخذ ذلك بقصد حظ النفس فهو من الدنيا . فإذن الدنيا : حظ نفسك العاجل الذي لا حاجة إليه لأمر الآخرة ، ويعبر عنه بالهوى ، وإليه الإشارة بقوله تعالى : ( ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى ) [ النازعات : 40 ، 41 ] ومجامع الهوى خمسة أمور ، وهي ما جمعه الله تعالى في قوله : ( أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد ) [ الحديد : 20 ] .
والأعيان التي تحصل منها هذه الخمسة سبعة ، يجمعها قوله تعالى : ( زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا ) [ آل عمران : 14 ] وبالجملة فكل ما ليس لله فهو من الدنيا ، وما هو لله فذلك ليس من الدنيا .