قال تعالى : (وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ) (البقرة : 221) ، وقال تعالى : (عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا) (التحريم : 5) ، وقال تعالى : (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) (الأحزاب : 35) .
ـ روى البخارى عن أبى هريرة عن النبى قال : "تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ " صحيح .
ـ قوله : تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ : أى لأجل أربع .
ـ قوله : لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا : الحسب فى الأصل الشرف بالآباء وبالأقارب مأخوذ من الحساب لأنهم كانوا إذا تفاخروا عدوا مناقبهم ومآثر أبائهم وقومهم وحسبوها ، وقيل المراد بالحسب هنا الفعال الحسنة .
ويؤخذ منه أن الشريف النسيب يُستحب له أن يتزوج نسيبه إلا أن تعارض نسيبه غير ديّنة وغير نسيبة دينة فتقدم ذات الدين وهكذا فى كل الصفات ، وأما قول بعض الشافعية : "يستحب أن لا تكون المرأة ذات قرابة قريبة" فإن كان مستنداً إلى الخبر فلا أصل له أو إلى التجربة وهو أن الغالب أن الولد بين القريبين يكون أحمق فهو متجه ( .
ـ قوله : وَجَمَالِهَا : يؤخذ منه استحباب تزوج الجميلة إلا أن تعارض الجميلة الغير دينة والغير جميلة الدينة نعم لو تساوتا فى الدين فالجميلة أولى ويلتحق بالحسنة الذات الحسنة الصفات ومن ذلك أن تكون خفيفة الصداق .
ـ قوله : فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ ، فى حديث جابر : "فعليك بذات الدين" والمعنى أن اللائق بذى الدين والمروءة أن يكون الدين مطمح نظره فى كل شئ لا سيما فيما تطول صحبته فأمره النبى بتحصيل صاحبة الدين الذى هو غاية البغية .
ـ قوله : تَرِبَتْ يَدَاكَ : أى لصقتا بالتراب ، وهى كناية عن الفقر وهو خبر بمعنى الدعاء لكن لا يراد به حقيقته وبهذا جزم صاحب العمدة زاد غيره أن صدور ذلك من النبى فى حق مسلم لا يستجاب لشرطه ذلك على ربه ، وحكى بن العربى أن معناه استغنت ورد بان المعروف اترب إذا استغنى وترب إذا افتقر ووجه بأن الغنى الناشئ عن المال تراب لأن جميع ما فى الدنيا تراب ولا يخفى بعده وقيل معناه ضعف عقلك وقيل افتقرت من العلم وقيل فيه تقدير شرط أى وقع لك ذلك إن لم تفعل ورجحه بن العربى وقيل معنى افتقرت خابت
فأول الشروط وأهمها التى يجب أن تتوفر فى الزوجة : الدين ،كما قال تعالى : (وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ) (البقرة : 221) ولقوله تعالى : (وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ ( (النور : 26) ، وقوله تعالى : (قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ) (النساء: 35) ، فإنها إن كانت على دين رجوتَ منها الخير ، وأول مظاهر تدين المرأة "الصلاة" ، وهى الصلة بين العبد وربه ، فإن كانت على صلة طيبة بينها وبين ربها رجوتَ منها أن تكون على صلة طيبة بينك وبينها ـ ولله المثل الأعلى ـ فمن فرطت فى أمر ربها وحقه لا عيب عليها إن فرطت فى أمر وحق زوجها !! ، ومن رضى أن تكون زوجته مفرطة فى أمر ربها وفرضه فلا يلومن إلا نفسه إن هى فرطت فى حقه ولم تحافظ على بيته .
ـ وإذا كانت الزوجة ذات دين فهى على خلق ، وهذا بديهى ، فالدين الإسلامى وهو دين الوسطية من يعتنقه يكون بين الإفراط والتفريط ، فلا هى مفرطة فى تدينها ولا هى مفرطة فى دينها ، وتراها وقد تخلقت بخلق القرآن الكريم ، من حجاب ومعاملات وحديث وغير هذا مما فرضه القرآن الكريم على المرأة .
وإذا انضم إلى الدين الجمال فبها ونعمت ، وقد رغَّب النبى فى الجمال فقال : "إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ" ، وقوله وقد سئل : "أى النساء خير ؟ قال : "الَّتِي تَسُرُّهُ إِذَا نَظَرَ وَتُطِيعُهُ إِذَا أَمَرَ وَلَا تُخَالِفُهُ فِي نَفْسِهَا وَمَالِهَا بِمَا يَكْرَهُ" ، والمرأة المتدينة الجميلة نور على نور ، وإن كانت ذات مال وحسب فقد جمعت من صفات الخير الكثير .
ـ ومن الصفات المطلوبة فى الزوجة أن تكون ودوداً ولوداً ، كما قال : " تَزَوَّجُوا الْوَلُودَ الْوَدُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ" .
ـ ومنها أيضاً : أن تكون ذات عطف وحنان لقوله : "خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الْإِبِلَ أَحْنَاهُ عَلَى طِفْلٍ وَأَرْعَاهُ عَلَى زَوْجٍ فِي ذَاتِ يَدِهِ" ( .
ـ أن تكون بكراً : لقوله لجابر : "أَلَا تَزَوَّجْتَهَا بِكْرًا تُلَاعِبُكَ وَتُلَاعِبُهَا وَتُضَاحِكُكَ وَتُضَاحِكُهَا" .
ـ وصحَّ عن أم المؤمنين عائشة ـ رضى الله عنها ـ وعن أبيها أنها قالت يوماً لرسول الله ـ وهى تشير إلى زواجه منها ، وهى البكر التى لم يتزوج رسول الله غيرها بكراً ـ : "أَرَأَيْتَ لَوْ نَزَلْتَ وَادِيًا وَفِيهِ شَجَرَةٌ قَدْ أُكِلَ مِنْهَا وَوَجَدْتَ شَجَرًا لَمْ يُؤْكَلْ مِنْهَا فِي أَيِّهَا كُنْتَ تُرْتِعُ بَعِيرَكَ قَالَ فِي الَّذِي لَمْ يُرْتَعْ مِنْهَا تَعْنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ لَمْ يَتَزَوَّجْ بِكْرًا غَيْرَهَا" .
ـ فان كانت هناك قرينة تدعو إلى نكاح الثيب فبها ونعمت .
ـ ومن طريف ما روى فى الفرق بين الثيب والبكر أن جارية عرضت على الخليفة المتوكل فقال لها : أبكر أنت أم أيش ؟ قال : أيش يا أمير المؤمنين ! .
ـ واشترى أحدهم جارية فسألها : ما أحسبك إلا بكراً ! فقالت له : لقد كثرت الفتوح فى زمان الواثق ! .
ـ وقال أحدهم لجارية : أبكر أنت ؟ قالت : نعوذ بالله من الكساد (تعنى الثيوبة) ! .
ـ وعرضت على أحدهم جاريتان بكر وثيب فمال إلى البكر ، فقالت الثيب : أما رغبت فيها وما بينى وبينها إلا يوم ـ تعنى أنها ليلة بين البكر وكونها تكون ثيب ـ فقال لها : (وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ) (الحج : 47) .
عاطف الجراح