[size=21]...{ ما أجملها من صورة }...[/size]
كنت يوما من الأيام في مسجد من المساجد فإذا بابن يدخل ماسكاً بيد والده الثمانيني فيوقفه في الصف ليصلي السنة ومن ورائها الفرض.
ففرحت بهذا المنظر كثيرا, وذكّرني بمناظر كثيرة نراها لأبناء بررة يترجمون البر إلى واقع جميلٍ في دنيانا .
فهذا يسعى جاهداً في خدمتهم, وذاك يلبي طلباتهم غير متضجر من كثرتها , وثالث قد آثر الجلوس معهم وإبعاد الوحشة عنهم على الجلوس مع الأصدقاء .
عند هذه المناظر وغيرها تستحضر الواقع الغربي للكفار وكيف هو نكرانهم لجميل الوالدين , يوم يدفعونهم إلى دور العجزة والمسنين, قد تخلوا عن كل أبجديات البر والإحسان في دنيا البشر .
كم هو جميل أن ترى ابناً آخذاً بيد والده إلى مستشفى , أو في مناسبة فرح أو ترح ليؤدي واجباً عليه , ورائع أن تراه قد فرغ وقته ليأخذهم في نزهة هنا أوهناك داخل البلد أوفي سفرة خاصة بهم .
إن الإحسان للوالدين عامة, والعناية بهم عند كبر السن خاصة قد جاءت به جميع الشرائع السماوية , واتفق عليه جميع الرحماء والأوفياء من بني الإنسان , إذ لا أحد أولى بالإحسان منهم , فهم أهل الفضل أولاً وآخراً.
ومهما حاول المرء لرد بعض الجميل لهم فلن يوفي عُشر معشار حقهم ولا أقل من ذلك , فليت شعري كيف هو حال برنا بهم ؟ .
إن التوفيق للبر نعمة من الله جليلة , ومنحة من الرحمن عظيمة , وعبادة من أجل العبادات لو علمت .
ولذا ينبغي للمتاجر مع ربه أن يحرص عليه , وأن لا يفوت على نفسه هذه الفرصة . كم تلتقي بأبناء قد غيّب الموت شخوصَ آبائهم أو أمهاتهم , فيتحسرون كمداَ أن لم يغتنموا فرصة وجود والديهم ليبروهم , وودوا لو عاد الزمان فيكون الوالدان أحياء ليفنوا أعمارهم في خدمتهم , ويرفعوا الأذى من تحتهم .
فيا هذا إن وجود الوالدين فرصة لا يمكن تعويضها لو غادرا الدنيا , وستلحق الحسرات كل مفرط في برهم في ساعة ِلا تنفع الحسرات , ولا تفيد معها الآهات .
فاغتنم وجودهم بكل ما تستطيع من إحسان واتهم نفسك دائما بالتقصير لتضاعف الجهد في البر وتذكر أوان انقطاع العمر وفوات الأجر وتحصّل اللذة في البر وكن يقينٍ عند برك بعظم التوفيق في دنياك , وجميل الإحسان عند لقاء الرحمن .
: همسة :
من الإحسان للوالدين بعد مماتهم : الدعاء لهما , والصدقة عنهما , وصلة صديقهما , وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما .
وفقنا الله لكل خير وإحسان