:: الثقة بالنفس ::
إن الله خلق الإنسان وصورهُ فأحسن صوره وميزه بأحسن ميزة في الكون وهي العقل والتفكير ووهبه كثير من الصفات الأخلاقية والاجتماعية إلى تتباين من إنسان لآخر طبقا للظروف المحيطة مثل النشأة والتربية وما إلى ذلك وبالإضافة إلى الصفات الأخلاقية والاجتماعية أعز الله الإنسان بالصفات النفسية والتي هي نتاج للصفات الأخلاقية والاجتماعية ومن ضمن هذه الصفات النفسية الثقة بالنفس
فالثقة بالنفس بعد التوكل على الله مطلوبة شرعا، فالمسلم يَتعيَّن عليه أن يُحسن الظنَّ بالله تعالى، وأن يتفاءل لنفسه الخير والنجاح دائمًا ،
ويسعى باستمرار في سبيل الارتقاء لتحصيل الكمال، ويستخدم لذلك فكره وطاقته، ويبذل جهده وما تيسر له من الوسائل في تحقيق طموحاته والوصول إلى أهدافه، فقد قال الله تعالى:{ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} ( آل عمران: 159) .
وفي حديث الصحيحين: يقول الله تعالى: " أنا عند ظن عبدي بي "
وفي رواية لأحمد: " أنا عند ظن عبدي بي، فإن ظن بي خيراً فله، وإن ظن بي شراً فله "
الثقة بالنفس: هي حسن اعتداد المرء بنفسه, واعتباره لذاته, و قدراته ؛ حسب الظرف الذي هو فيه, دون إفراط من عناد و كبر, ودون تفريط من ذلة وخضوع غير محمود .
و كل من سار على هذا الدرب ممَّن يعتدُّ بنفسه اعتدادًا زائدًا زائفًا هذا هو الذي يتعارض مع الثقة بالله .
أما الثقة السليمة بالنفس فلا تُعارض الثقة بالله, لأنَّ الواثِق بنفسه يَنسب الفضل لأهله و النِّعم لربِّه تعالى.
الثقة بالنفس سبب لنجاح الإنسان وسعادته في الدنيا والآخرة، وفى ساعة الحساب يظهر الإنسان الواثق من الإنسان الخائف المتذبذب وفى القرآن الكريم صور كثير لذلك قال - تعالى -: " فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ * إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيهْ* فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ " (الحاقة: 19-22)
فهذه صورة للواثق الذي أحسن العمل فأحسن الله له الجزاء.
: أنواع إخلال الثقة بالنفس :
1.ضعف الثقة بالنفس : إذا ضعفت فإن الشخص يصغر نفسه كثيرا ويضخم عيوبه وهفواته ونقصه وبذالك تضعف مبادرته للإنجاز ، وربما انغلق على نفسه واعتزل .
2.الثقة الزائفة : وهذا شيء موجود من قديم الزمن يقول ابن سناء الملك : أرى الخلق دوني إذ أراني فوقهم && ذكاء وعلما واعتلاء وسؤددا
: آثار الثقة السليمة بالنفس :
1.الارتياح النفس و الطمأنينة و السعادة: قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( أرض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس ) حسنه الألباني
2.النجاح في مجالات الحياة , العلمية و المهنية و الاجتماعية: قال الرسول صلى الله عليه و سلم : ( أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا ، الموطؤون أكنافا ، الذين يألفون ويؤلفون ، و لا خير فيمن لا يألف و لا يؤلف ) حسنه الألباني
3.القدرة على تطوير الذات و تنمية المهارات: قال الرسول صلى الله عليه و سلم : ( احرص على ما ينفعك واستعن بالله . ولا تعجز) صحيح مسلم
4.القدرة على التعامل مع الأزمات و المشكلات و الصعاب: قال عبد الله بن مسعود: ( رحم الله امرئ عرف زمانه فاستقامت طريقته )
كيف ننمي ثقتنا بأنفسنا ؟
1.أن يعرف الشخص نفسه جيدًا :أن يعرف سلبياته و إيجابياته بحجمها الحقيقي, و أن يعترف بالسلبيات و يتقبلها بقبول حسن و سعى في علاجها لا يضخمها فتحطم معنوياته, و لا يتركها كما هي فتعيق حدودها و يسعى في إصلاحها .
2. استثمار الإيجابيات جيدًا بهدوء و توازن حسب الأولويات الأهم فالمهم فالأقل أهميه .
3.الاتزان في التوقعات و الطموحات .كن متزنًا في توقعاتك و طموحاتك ( رحم الله امرءٍ عرف قدر نفسه )
4. توكيد الذات أو إثبات الذات :الموافقة بين المشاعر الداخلية و بين السلوك الظاهري بالتحدث و التعبير عن النفس لفظًا و سلوكاً .
: أمور مرتبطة بالتنشئة والتربية الحسنة :
ينبغي التوسط بين نفخ الذات و تحطيم الذات!!! نفخ الذات يمارسه بعض الآباء و الأمهات و المربين و المربيات مع الناشئ ، ولا سيما مع البارزين و المتفوقين منهم يكثرون من مدحهم و إطرائهم و إعطائهم أكبر من حجمهم
و هذا يولد ثقة زائفة و جرأة زائدة و تهوُّرٌ وعَجب و كِبَر و تَسلُّط . في المقابل التحطيم النفسي للذات و التصغير و التحقير و الاستخفاف و الاستهزاء و القمع و تحجيم القدرات يُضعف الثقة و يحطم المعنويات .
مثل من يُعامل ابنه ابن العشرين كما يعامل ابن الخمس سنوات ، يجب أن يكون التعامل مع من حولنا من الناشئة بتوسط بين نفخ الذات و التحطيم النفسي للذات.
فهذان طرفان كلهما ذميم و لاسيما في حالة المراهقة فالمراهق بحاجة ماسة إلى احترام ذاته و شخصيته و ينبغي مراعاة الفروق الفردية بين الأشخاص و أن نعطي كل ذي حق حقه .
عش كل لحظة وكأنها آخر لحظة في حياتك ، عش بالإيمان ..وبحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ..
عش بالأمل ..عش بالحب ... عش بالكفاح ... وقدر قيمة الحياة..
بالصبر والتوكل على الله تستطيع تحقيق أهدافك ، تقبل نفسك تماما ، مهما كانت التحديات والظروف ، فأنت لست سلوكك ولا تحدياتك ولا أحاسيسك ، كل هذه نشاطات الحياة وردود الفعل تجاهها ....
ومهما كان رأي الناس والمؤثرات ، تقبل نفسك كن لنفسك صورة ذاتية داخلية وأنت تحقق أهدافك ، وكن واثقا بنفسك وبقدراتك اللامحدودة...
تعلم الاستراتيجيات التي تعينك على استخدام قدراتك ، وبهذا يقوى اعتقادك وإمكانياتك وأفكارك وأهدافك ،حتى يملك عليك نفسك الشعور بأنك تستحق تحقيق أهدافك ، فقد اجتهدت وثابرت وعقدت عزمك على النجاح ....
وجِّه كل طاقتِكَ إلى الله وأحِبَّهُ وعَظِّمْهُ ، واستعن بِه وتَوكَّل عليه ، وأخلص عملك وأتْقِنه ، تسعد في دُنياك وآخرتك .
:
المراجع:
1. مادة صوتية للدكتور محمد عبد الله الصغير (استشاري الطب النفسي)
2. د. إبراهيم الفقي ، قوة الثقة بالنفس ،2010م