أغني امرأة في العالم ( قصة مؤثرة ):
اتصلت سيدةٌ عجوزٌ بهيئة الإغاثةِ تطلب حضور مندوبها لاستلام خمسة أغطية تبرعا منها للمنكوبين، وصل المندوب الشاب إليها بصعوبة بالغة، طرق الباب فإذا امرأةٌ هزيلة، فقيرة، تسكن غرفةً رطِبة تحت درج السُلم، لا تكاد الشمس تجد إليها سبيلا، استقبلته العجوز بلهفةٍ، وأصرت على أن تُعِدَّ له كوبا من الشاي كواجب ضيافة، نظر المندوب حوله فإذا الغرفة لا تتسع لأكثر من شخصين، رأى سريرا صغيرا لا يكاد يحمل جِسْمَهَا النحيل، رأى مصباحا ذا ضوءٍ أصفر، وتلفازا قد ثُبِّتَ هوائيُّهُ على باب الغرفة، وهاتفا محمولا قديما قد يكون نافذتَها الوحيدة للتواصل مع الناس، قدمت له الشاي بوجه وقور وقالت: تذوق الشاي من يد خالتك، ولا تقلق فإني قد نظفت الكوب جيدا، كان المندوب يحتسى الشاي وهو يراقب عروق وجهها تنتفض وهى تدق بيدها على السرير وتقول بمرارة: يا بُني هذا الذي شاهدتُّه في التلفاز يفتت الأكباد ويُدمى القلوب، أناسا عَرايا يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، من غير مأوى أو غطاء؟!!!! بدت على المندوب أماراتُ الدهشة، فأضافت: قد تراني فقيرة نعم، لكن هناك من هو أفقر مِنِّى، الحمد لله، معاشي من زوجي رحمه الله ثلاثمائة جنيه، اشتريت الأغطية بمائتين وخمسين، وأستطيع تَدَبُّر أمري بالخمسين المتبقية، وعسى الله أن يبارك. قال المندوب : ولكني يا خالة... !!!،أرجوكِ لا تفهميني خطأ.. أراك أولى بثمن هذه الأغطية، ثُم هناك من هو أقدر منك على التبرع، قالت: يا بني إن هذه الغرفة الوضيعة عندما أغلقها أحس بالدفء وأنام في راحة، أما هؤلاء فليس عندهم حتى مثلها، يا بني: خد الأغطية وأسرع إليهم لتسُدَّ حاجتهم، انطلق المندوب بالأغطية إلى مقر الهيئة فقص عليهم حكاية العجوز وهو يُغالب دموعه، حدثهم عن كرمها وكبرياءها، عن وجهها الصافي وكلماتها البريئة وثقتها في الله، تأثر مسئولو الهيئة وقرروا أن يفعلوا شيئا ، فاقترحوا منحها راتباً شهريا كإجراءٍ عاجل، يَتْبِعُهُ بيت صغير ، وفراشٌ وَطِئٍ، وثلاجةٌ للطعام، لكن المندوب الشاب اعترض بوثوق العارف قائلا: سترفض، فقرروا إعمال الحيلة: أبلغوها عن طريق شبكة الهواتف النقالة المختصة بخطها أن رقمها فاز بجائزة مالية كبيرة،وطلبوا العنوان لتسليمها الجائزة، فأجابتهم على الفور: أنا لست بحاجة إليها ولكن أنفقوها نيابةً عنى في إغاثة المنكوبين.