آن لك ان تتعزى بهؤلاء
حال الدنيا منغصه اللذات كثيره التبعات جاهمه المحيا كثير التلون مزجت بلكدر وخلطت بالنكد وانت منها في كبد تلفت يمنه ويسره فهل ترا الا منكووبا ؟! في كل دار نائحه وعلى كل خد دمع وفي كل واد بنو سعد كم من المصائب وكم من الصابرين فلست انت وحدك المصاب بل مصابك انت بالنسبه لغيرك قليل كم من مريض على سريره من اعوام يتقلب ذات اليمين وذات الشمال يئن من الآلم ويصيح من السقم كم من محبوس مرت به سنوات ما رأى الشمس بعينه وما عرف غير زنزانته كم من رجل وامرءة فقد فلذات اكبادهما في ميمعه الشباب وريعان العمر كم من مكروب ومصاب ومنكوب
آن لك ان تتعزى بهؤلاء وأن تعلم علم اليقين ان هذه الحياه سجن للمؤمن ودار للأحزان والنكبات تصبح القصور حافله بأهلها وتمسي خاويه على عروشها بينما الشمل مجتمع والابدان في عافيه والاموال وافره والاولااد كثر ثم ما هي الا ايام فأذا الفقر والموت والامراض (تبين لكم كيف فعلنا بهم) فعليك ان توطن نفسك كتوطين الجمل المحنك الذي يبرك على الصخرة وعليك ان توازن مصابك بمن حولك وبمن سبقك في مسيره الدهر ليظهر لك انك معافى بالنسبه لهؤلاء وانه ما أبقى واحتسب وما اخذ وتعز بمن حولك ولك في الرسول قدوه وقد وضع السلى على رأسه واديت قدماه وشج وجهه وحوصر في شعب حتى اكل ورق الشجر وطرد من مكه وكسرت ثنيته ورمي عرضه وزوجته شريفه وقتل 70من اصحابه وفقد ابنه واكثر بناته في حياته وربط الحجر على بطنه من الجوع واتهم بأنه شاعر ساحر وكاهن مجنون كذاب _صانه الله من ذلك_ وهذا بلاء لابد منه وتمحيص لا اعظم منه وقد قتل زكريا وذبح يحيى وهجر موسى ووضع الخليل في النار وسار الائمه على طريق فضرج عمر بدمه واغتيل عثمان وطعن علي وجلدت ظهور الائمه وسجن الاخيار لأن اولياء الله هم المصابين المبتلين فحقت لهم الفردوس (سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبا الدار )
فوض امرك الي الله وتوكل عليه وثق بوعده وارضا بصنيعه واحسن الظن به وانتظر الفرجه وحينما تطمئن الى حسن العاقبه وحينما تعتمد على ربك في كل شأنك تجد الرعايه والولايه والكفايه والتأيد والنصره فلا يسعد النفس ويزكيها ويطهرها ويفرحها ويذهب غمها وقلقها الا الايمان بالله رب العالمين وبقضائه وبقدر وصنيعه وايمانك قوه وضعف حراره وبروده تكون سعادتك وراحتك وطمأنينتك وثبات قلبك وبروده اعصابك وسكينة قلبك ورضاك
والاشقياء بكل معنا الكلمه هم المفلسون من كنوز الايمان ورصيد اليقين فهم ابدا في تعاسه وغضب ومهانه
لما القي ابراهيم عليه السلام في النار قال قال حسبنا الله ونعم الوكيل فجعلها الله عليه بردا وسلاما ورسولنا عليه الصلاة والسلام واصحابه لما هدودو بجيوش الكفار وكتأب الوثنيه قالو ( حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ . فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ)ان الانسان وحده لا يستطيع ان يصارع الاحداث ولا يقاوم المامات ولا ينازل الخطوب لانه خلق ضعيفا عاجز ولكنه حينما يتوكل على ربه ويثق بمولاه يفوض الامر اليه والا فما حيله العبد الفقير الحقير اذا احتوشته المصائب واحاطت به النكبات فيا من اراد ان ينصح نفسه توكل على القوي الغني ذي القوة المتين لينقذك من الويلات ويخرجك من الكربات واجعل شعارك ودثارك حسبنا الله ونعم الوكيل فأن قل مالك وكثر دينك وجفت مواردك وشحت مصارك فنادي حسبنا الله ونعم الوكيل واذا خفت من عدو او رعبت من ظالم او فزعت من خطب فاهتف حسبنا الله ونعم الوكيل
جزاك الله عنا كل خير عائظ القرني