حوار الطرشان .. بين أدعياء السلفية وأهل الكفران

بقلم :د طارق عبد الحليم

الجمعة 01 فبراير 2013




الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

من أبسط قواعد الحوار أن تكون هناك أرضية مشتركة بين الطرفين المتحاورين، يُبنى عليها مجرى الحوار، وتتشابك عندها مفردات الجدل، فيتنازل طرفٌ عن بعض ما يرى، ويتنازل الآخر عن بعض ما يطلب، حتى يلتقيا على تلك الأرضية ذاتها التي بدؤا منها حوارهم. فإذا نظرنا إلى ذلك الحوار الذي تقوم به بعض جهات من أدعياء السلفية، من أعضاء حزب النور، أخزاهم الله، لم نعرف على ىأي أرضية مشتركة يقوم هذا الحوار مع أهل الكفر والمروق من الدين.

القوم قد أعلنوها صراحة، أنهم يريدون دولة علمانية لا دين لها، تقوم على أسس لادينية كما تقوم دول ما يسمى بالحضارة الغربية، التي فصلت الدين عن الدولة وتبرّأت من الكنيسة التي زيفت وانحرفت بالدين المحرّف أصلاً، فلم تجد تلك الشعوب إلا أن تكفر ببارئها. فإذا كفارنا من أهل مصر وديار المسلمين يحذون حذو هؤلاء، ويريدون لبلادنا أن تغرق في الكفر البواح الصراح. فأيّ أرضية يلتقي عليها هؤلاء الأدعياء مع أهل الكفران في حوارهم؟

لا يمكن أن تكون لهذه الآرضية المشتركة أي علاقة بالإسلام، إذ هؤلاء العلمانيين قد كفروا به كفراً بواحاً. إذن ليس هناك إلا مشتركُ الولاء للأرض والمواطنة المصرية. ونحن على يقين جازمٍ أنّ هؤلاء الكفار ليس لهم ذمةٌ يرعونها أو ولاءٌ يحفظونه. إنما هو إدعاء حب الوطن، والنصح لأهله، كما تعوّد كفار كلّ زمانٍ أن يفعلوا "وما أهديكم إلا سبيل الرشاد".
لقد دأب الخاسرون من "الإخوان المتأسلمون" أن يضربوا مثلاً بحوار رسول الله صلى الله عليه وسلم مع كفار قريش في الحديبية. لكن هذا والله ليس إلا تحريفاً للكلم عن مواضعه وتبديلاً لدين الله. فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم تحاور مع هؤلاء وهم في وادٍ وهو- صلى الله عليه سلم – في واد. هم في مكة وهو يحكم بما أنزل الله عليه في المدينة، لا يجادل - صلى الله عليه سلم - في هذا مع أحد، ولا يحاور ولا يتصالح على غيره. فأنّ يشبّه أحدٌ هذا بما يفعله أصحاب حوار الطرشان هذا، لهو ظلمٌ بيّنٌ يرقى إلى الكفر إن أصر عليه قائله.
لا والله، إن كفار قريش أفضل ألف مرة من كفارنا هؤلاء، البرادعيّ والصباحي والبدويّ، وتابعيهم من فجرة أهل الإعلام الملحد. فقد كان لكفار قريش كلمة يرعونها وعهدا يحفظونه، وكانت لهمم ذمم يوفون بها وحدود لا يتجازونها. جاء في الروض الأنف عن سبب عدم دخول كفار قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم بيته ليلة الهجرة "فذكر بعض أهل التفسير السبب المانع لهم من التقحم عليه في الدار مع قصر الجدار وأنهم إنما جاءوا لقتله فذكر في الخبر أنهم هموا بالولوج عليه فصاحت امرأة من الدار فقال بعضهم لبعض والله إنها للسبة في العرب أن يتحدث عنا أنا تسورنا الحيطان على بنات العم وهتكنا ستر حرمتنا" الروض الأنف 2-309. فأولئك كانوا كفاراً ذوى ذمةٍ وحياءٍ ومعرفةٍ بالأصول المرعية، وهؤلاء كفار لا خلق لهم ولا عهد ولا ذمة ولا أمانة، بل هم مجموعة من اللصوص المتواطئين مع أمثال الملحد الخليجي ضاحي خرفان، وبقية قوى الصهيو-صايبية حول العالم لإقتناص مزيد من الثروات والسيطرة على البلاد.
فماذا هذا الحوار يا ترى؟ وما هو سببه وما المتوقع من نتيجته؟ أتكون السياسة سببٌ في أن يفقد المسلم ثوابته، وينحرف عن طريقه ويبدّل ولاءه من الإسلام إلى المواطنة الكفرية؟ أعلى هذا يريد سلفيوا نادر بكّار أن ينتهى بهم الأمر، أن يوالوا أعداء الله ورسوله، المحاربين لدين الله، الساعين في الأرض فساداً؟ أهكذا يعامل من حكم الله عليهم في محكم كتابه في قوله "إِنَّمَا جَزَ‌ؤُا۟ ٱلَّذِينَ يُحَارِبُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَيَسْعَوْنَ فِى ٱلْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوٓا۟ أَوْ يُصَلَّبُوٓا۟ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَـٰفٍ أَوْ يُنفَوْا۟ مِنَ ٱلْأَرْضِ ۚ ذَ‌لِكَ لَهُمْ خِزْىٌۭ فِى ٱلدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِى ٱلآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ" المائدة33. لا والله لا ندرى إن لم يكن هذا تراجعا عن دين الله فما يعنى هذا إذن؟

المسلمون لا يتحاورون مع كفار معاندين، يريدون أن يفرضوا شرعة الكفر في أرض الإسلام، ويستهزءون بالمسلمين في كل صباح ومساء. هذا المجرم هاني رمزى، مع المرتد ممدوح حمزة يتنادرون بالمسلمين، على أنهم قطيعٌ من الخرفان. وهذا الإبراشي ومحمد سعد وبقية شلة كفار الإعلام، يمكرون على آذان العوام ليل نهار، يجعلونهم يخرجون من دين الإسلام وكأنهم يخرجون على الإخوان. إن هؤلاء الكفار في حربٍ مستمرة على دين الله لا تتوقف لحظة من نهارٍ، بينما يأتي ذلك المقيت المتخنّث محمد حسان فيقول "الصلح خير"، ألا ما أذلّك وأقلك في ميزان الله.

إن الحوار مع هؤلاء محرّم شرعاً، بل ومجرّم وضعاً، إذ هم خونة لبلادهم وساعين فيها بالفساد. وهؤلاء الذين يحاورونهم، إن هم إلا مغفلين ذاهلين عن حقيقة دين هؤلاء، أو صبيان أغرار يريدون أن يكون لهم حسّ في الصحف اليومية يتفاخرون بها فيما بينهم.

إن حوار الطرشان اليوم دائرٌ بين أهل الكفران وأدعياء السلفية المتخاذلين من جهة، وبيننا، أصحاب السنة، وبين الأدعياء من جهة أخرى. لا يسمع فيه أحدٌ أحداً. لكن الأدعياء في وسط بين الطرفين، بين الكفر والإسلام، لا يسمعون هؤلاء ولا أولئك. فتجدهم حيارى آسفين، يقولون القول اليوم وينكرونه غداً، وبكّارهم كالطفل التائه لا يدرى ما يقول، ويقول ما لا يدرى.