أيها الغرب : نبينا هو نبيكم أرسله الله لنا ولكم
************************************************


البشرية بمختلف أطيافها وأنواعها : لا المؤمن منهم استغنى بإيمانه عن معونة وفضل الله . ولا الكافر استبد بأمرٍ خرج به
عن قدرة وعلم الله . لأن الكل عبيد لله .
وعالم البشرية عبرالأزمان والمكان منهم من نهجوا نهج التوحيد والإيمان واتبعوا دين الإسلام . وهؤلاء هم المؤمنون .
ومنهم من مالوا عن الحق والإستقامة وزاغوا عن سبيل الهدى والرشاد . وهؤلاء : منهم الكافرون والمشركون .
ومنهم اليهود والنصارى . ومنهم المجوس . ومنهم الصابئون .
إنهم فى كل وادٍ يهيمون كلٌ منهم يزعم أن الحق معه والباقى ظلوم غشوم . يقول تبارك وتعالى :

( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ )

وسيظل الهرج فى الآفاق حتى يأتِىَ يوم المساق . فتلك هى سنة الحياة . لن ينجو أحد من زلته
إلا من تغمده الله برحمته .
المؤمنون : الأولون منهم آمنوا بوحدانية الله وبالنبى المرسل إليهم . والآخرون آمنوا بوحدانية الله
وبخاتم أنبياء ورسل الله منذ أن بعثه الله وحتى يوم الدين .
الكافرون والمشركون : كفروا بمن خلقهم ورزقهم وأشركوا بمن يحييهم ويميتهم وجحدوا أنبياءهم ورسلهم
وأنكروا يوم البعث واللقاء . منهم من هم على الأصنام عاكفين وللأوثان عابدين ومنهم من يعبد النور ومن يعبد النار
ومنهم من يعبد النجوم ويعبد الكواكب ومنهم من يعبد الأحجار ومن يعبد الأبقار وغير ذلك كثير وكثير .
واليهود والنصارى : هم أهل الكتاب بنو إسرائيل . وبنو إسرائيل من سلالة سيدنا يعقوب بن سيدنا اسحق بن سيدنا إبراهيم
عليهم السلام .
( اليهود ) : هم من آتاهم الله التوراة التى أنزلها الله على نبيهم ورسولهم سيدنا موسى عليه السلام فكانت أحكامها شريعةً
لهم ومنهاجا يأتمرون بما فيها ويتناهون عن نواهيها .
آمنوا بسيدنا موسى عليه السلام وصدقوه واتبعوا نبوته ورسالته وساروا على هديها ..
ثم قست قلوبهم بعد الإيمان ..
فقالوا : عزير بن الله . وادّعوا أنهم أحباءٌ وأبناءٌ لله . واتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله .
وقالوا عن رب الأرض والسماء أنه فقيرٌ وهم أغنياء . وأن يد الله مغلولة . وقالوا قلوبنا غُلْف
مقفلة ومغطاة عن الإيمان .
واتبعوا ما أسخط الله وخلطوا كلامهم بكلام الله وحرفوا وبدلوا وغيروا فىما أنزل الله .
وعصواْ أنبياءهم ورسلهم التى أتتهم تدعوهم إلى وحدانية الله . ففريقاً قتلوه وفريقاً كذبوه .
وقذفوا السيدة مريم بالإفك والباطل والبهتان .
وحين تكلم سيدنا عيسى عليه السلام وهو فى مهده وصباه لم يوقنوا بمعجزته وآيته .
وحين بعثه الله إليهم نبياً ورسولاً جحدوه وكذبوه وأنكروا نبوته ولم يؤمنوا برسالته
وأضمروا له الكيد ونصبوا له الغوائل وعزموا على قتله فرفعه الله إليه وألقى الله شبهه على أحدهم فقتلوه وصلبوه
فادّعوا أنهم قتلوا وصلبوا نبى الله سيدنا عيسى عليه السلام .
( النصارى ) : هم من آتاهم الله الإنجيل الذى أنزله الله على سيدنا عيسى عليه السلام
فكانت أحكامه وتعاليمه شريعةً لهم ومنهاجا يأتمرون بأوامره وينتهون عن نواهيه . آمنوا بسيدنا عيسى ونصروا
رسالته وصدقوه واتبعوا شريعته .. ثم قست قلوبهم بعد الإيمان ..
فقالوا : المسيح بن الله . وقالوا إن الله هو المسيح ابن مريم . وقالوا إن الله ثالث ثلاثة . حرّفوا وبدلوا وغيروا فيما أنزل الله
وخلطوا كلامهم بكلام الله . وأنكروا ما قاله المسيح سيدنا عيسى عليه السلام وما بشرهم به من رسالة سيدنا
محمد صلى الله عليه وسلم وأنه سيأتى من بعده ويكون نبيهم ورسولهم وبشيرهم ونذيرهم .
فاليهود والنصارى يُلْبِسون الحق بالباطل وهم يعلمون ويكتمونه ولا يستحُون .
وحين بعث الله إليهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً كذبوه وجحدوا نبوته
ولم يصدقوا برسالته ولم يؤمنوا بكتاب الله ونبذوه وراء ظهورهم .
وادّعواْ كذباً وبهتاناً أنهم يجهلون رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يعرفونه
كما يعرفون أبناءهم كانوا وما زالوا على ما هم فيه من إفك وضلال .
أشركوا بوحدانية الله ومالوا وحادوا عن التصديق بكتاب الله فلم يؤمنوا بما أنزل الله ولم يوقنوا بأن سيدنا محمد
صلى الله عليه وسلم رسول من الله .
منهم من منّ ويمنّ الله عليهم برضاه وهداه فيهتدون إلى الإيمان ويتبعون دين الإسلام والغالب من هؤلاء سيكونون
من النصارى لأن اليهود قالوا قلوبنا غلف ومغطاة عن الإيمان فلن يؤمن منهم إلا قليلا . يقول سبحانه وتعالى :

( وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لَّعَنهم اللَّه بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ )

الصابئون : الصابئون مفردها صبأ ومعناها الخروج والتحول والإنتقال . منهم من كانوا فرقة من أهل الكتاب
ثم خرجوا عنهم وانخرطوا فى الكفر والشرك بالله فعبدوا النجوم والكواكب .
ومنهم من هم يقدسون الأنوار والتعميد فى المياه الجارية . ومنهم من يأخذون من كل دين مايهوى لهم قولاً وعملاً
ويتركون ما لا يهوون .
ومنهم من يقولون بإله واحد ولايقرون بأنبياء الله ورسله .
ومنهم يتعبدون بالروحانيات ويعبدون الملائكة ويزعمون أنها الوسيلة التى تقربهم إلى الله .
ومنهم من يعظمون سيدنا آدم وسيدنا يحيى عليهما السلام ولايعتبرونهما أنبياء بل معلمين ويحيطون مايعتقدونه
بهالة شديدة من الكتمان والسرية .

المجوس : هم عبدة النار . فالمجوس لا يطفئون النار من معابدهم وتظل تستعر فيها يقدسونها .
ولقد تشعبت مذاهبهم منهم الزرادشتية والمزدكية والمانوية والبوذية ومذاهب أخرى كثيرة وعديدة .
منهم من يعبدون النار والشمس ويعتبرونهما مصدر النور والحكمة . ومنهم من يزعمون بوجود إلهين إله للخير وإله للشر
أو إله للظلمة وإله للنور وأنهما يتصارعان
ويتنازعان حتى يوم الخلاص وهو وقت قيام الساعة .
ومنهم من يجعلون الناس شركاء فى النساء والأموال ويتشاركون فيها بعضهم البعض الآخر .
ومنهم من قالوا بتناسخ الأرواح وبالحلول فى الجسد الإنسانى وأنكروا يوم البعث والحساب
*****
ولقد خلق الله العباد لعبوديته وعبادته فقال سبحانه وتعالى : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) .
وخلقهم الله ليبلوهم فيما آتاهم فقال : (وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم ).
وخلقهم الله ليرى أيهم أحسن عملا فقال : ( وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ) .
وأرسل الله إليهم خلال العصور والأزمان بشر ممن خلق اصطفاهم الله واختارهم من بينهم ليكونوا رسلاً
إلى أقوامهم فبعث الله كل نبى إلى قومه وأوحى إليه أن يبلغ رسالة الله بأن لا إله إلا الله لا معبود ولا رب سواه .
فكانت رسالتهم هى النهى عن الكفر والشرك بالله والدعوة إلى وحدانيتة الله .
يقول سبحانه لنبى الله ومصطفاه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم :

( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ )

فما من زمن من الأزمان أو عصر من العصور إلا وأرسل الله فيه نبى أو رسول .
فالأنبياء والمرسلون كانوا لأقوامهم مبشرين ومنذرين يبينون لهم طريق الحق والصراط المستقيم الواجب اتباعه
ويحذرونهم من الشرك والضلال وطريق الباطل المفروض عليهم اجتنابه حتى يقونهم من المورد الوخيم والعذاب الأليم فى يوم الدين .

يقول رب العالمين : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ )

منهم من قصّهم الله علينا فى كتابه العزيز . ومنهم من لم يقصصهم الله ولم يخبر بهم
سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم . يقول عز وجل :

( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ )

من قصهم الله علينا فى كتابه ومحكم آياته هم :
( سيدنا آدم . سيدنا موسى . سيدنا عيسى . سيدنا سليمان . سيدنا إبراهيم . سيدنا إسماعيل . سيدنا يعقوب .
سيدنا إسحق . السادة الأسباط . سيدنا هارون . سيدنا داود . سيدنا نوح . سيدنا زكريا . سيدنا أيوب . سيدنا يونس .
سيدنا يوسف . سيدنا يحيى . سيدنا إلياس . سيدنا إليسع . سيدنا لوط . سيدنا هود . سيدنا صالح . سيدنا شعيب .
سيدنا إدريس . سيدنا ذا الكفل ..... ) عليهم جميعا أفضل صلاة وأزكى سلام.
ولقد بعث الله مع نبى ورسول آية ومعجزة اختصه الله بها فى دعوة قومه
لتكون دلالة له على صدق نبوته ويقين دعوته .. ثم تنتهى هذه الآية والمعجزة بانتهاء نبوته ورسالته .

فمثلا :

كانت آية ومعجزة سيدنا سليمان عليه السلام أن وهبه الله ملكاً لم يعطه أحداً من قبله ولامن بعده فاختصهالله
بالملك العظيم وسخر له الريح والجان الشيطان وعلمه منطق الطير والحيوان. ثم انتهت آيته ومعجزته بانتهاء نبوته ورسالته
...

وكانت آية ومعجزة سيدنا صالح عليه السلام أن أرسل الله الناقة إلى قومه وأمرهم نبى الله أن يتركوها فى مرعاها
وأن لا يتعرضوا لها فى سقياها وأنه لا يشاركوها ماءها فى يومها التى تشرب فيه ولايمسوها بالأذى أو السوء
وإلا نزل بهم العذاب والعقاب . ثم انتهت آيته بانتهاء نبوته ورسالته .
...
وكانت آية ومعجزة سيدنا موسى عليه السلام إلى فرعون الذى ملك مصر وكان فاجراً كفارا وطغى وتكبر
فى الأرض وكان عاتياً جبارا فكفر بالله وادعى أنه ربٌ وإله وحين علم بأمر نبىٍ من بنى اسرائيل سيولد فى زمانه
وأن هذا النبى سيزيل ملكه ويزلزل عرشه أمر جنده وحاشيته بذبح كل الغلمان فى كل مكان : فشاء الله بقدرته وحكمته
أن يجعل نبى الله موسى وهو صبى أمام عين فرعون وفى داره وأن يكون رقاده على فراشه وأن يقوم حاشية فرعون وجنده
بحراسته ويوفرون له العناية ويحوطونه بالرعاية بل ويجوبون له الطرقات ويبحثون له عن مرضعات وهم من استحيوا النساء
وقتلوا الأطفال من أجل قتله .
وبعد أن بعثه الله بالرسالة إلى فرعون وقومه كانت آيته ومعجزته إليهم أن ألقى عصاه فإذا هى ثعبان مبين ونزع يده
فإذا هى بيضاء للناظرين .
وما ابتلى الله فرعون وقومه حيث أخذهم الله : بالقحط والجدب . وبالنقص من النبات والثمرات
فلم يصلح لهم زرع ولم تمطر لهم سماء . وأرسل الله عليهم : السيل والطوفان . والجراد الذى يأكل كل شىء لهم .
والقمل التى ملأت بيوتهم وفراشهم . وبالضفادع التى كانت فى كل طريق لهم . والدم من جميع الهوام والحشرات التى
نغصت عليهم أمور حياتهم فلم تغمض لهم عين ولم يقر لهم قرار . ثم انتهت آيته ومعجزته بانتهاء نبوته ورسالته .
...
وكانت آية ومعجزة سيدنا عيسى عليه السلام أن كان هو وأمه مريم عليها السلام آية من آيات رب العالمين .
فقد أتتها الملائكة فى محرابها تبشرها بكلمة الله المسيح عيسى وتخبرها بأنه سيكون نبىٌ ورسولٌ إلى بنى إسرائيل .
فابتهلت السيدة مريم عليها السلام إلى الله متسائلة حزينة وهى متحسرة قائلة :
كيف يكون لى ولد ولم يمسسنى بشر ولم أك بغيا . فأخبرتْها الملائكة بأن الله اختارها لتكون هى وابنها آية العالمين .
وحين جاءها أمر الله والنفخ من روح الله وأدركت حملها بنبى الله اتخذت مكاناً بعيداً نائياً قصياً لتحتجب عن الناس فيه .
جاءها المخاض بجوار جذع النخلة فتمنّت الموت قبل أن تلد ورجَت من الله أنْ ياليتها لم تكن فى هذه الحياة
فقالت : ( قَالَتْ يَا لَيْتنِي مِت قَبْلَ هَذَا وَكُنت نَسْياً مَّنسِيّاً ) .
وأتت إلى القوم وهى تحمل ابنها على كتفها وقد أوحى الله لها بأن إذا رأت بشراً تصمت عن الكلام .
سألها قومها من بنى إسرائيل ورموها بالإفك والباطل والبهتان فأشارت إليه . فقالوا :
كيف نكلم من هو فى المهد وما زال صبيا . فأنطقه الله وتكلم وهو فى مهده وصباه .
وقال أول ماقال : ( قَالَ إِني عَبْدُ اللَّه ) .
وبعد أن بعثه الله بالرسالة إلى قومه كانت آيته ومعجزته أن أحيا لهم من كان ميْتاً . وصور لهم الطيرونفخ فيه فكان طيراً .
وأبرأ الأعمى فصار بصيراً . وشفى الأبرص فأصبح معافاً بأمر وإذن من الله .
وأخبرهم بما يأكلون وما يدخرون فى بيوتهم . ودعا الله لهم أن يُنزّل لهم مائدة من السماء تطمئن بها قلوبهم
وتكون عيداً لأولهم وآخرهم . ثم انتهت آيته ومعجزته بانتهاء نبوته رسالته .
...
هكذا كانت كل الآيات والمعجزات تنتهى بانتها نبوة ورسالة كل نبى أو رسول .. إلا :
آية ومعجزة واحدة ..هى : معجزة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .. فلم تنته .. ولن تنتهى ..
هذه الآية والمعجزة هى : كتاب الله .. فهى باقية مابقيت الحياة ..
إنها : الكتاب الكريم والقرآن الحكيم . الذى أنزله الله على رسول الله صلى الله عليه وسلم
ليكون هذا الكتاب آيته ومعجزته فى محياه . وآيته ومعجزته بعد أن ينتقل إلى مثواه
لأنها هى النذير والبشير لكل العالمين .

وقضى سبحانه وتعالى بحفظها إلى يوم الدين فقال رب العالمين : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ )
وقضى أن لايعتريها تحريف أو تغيير أو تبديل .فقال سبحانه : ( لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً ) .
...
وإن الإيمان بالكتب السماوية التى نزلت من الله على الأنبياء والمرسلين كالزبور والتوراة والإنجيل والصحف والألواح .
كان حقاً الإيمان بها فى وقتها وزمنها . وكان واجباً ومفروضاً من الله أن يتم اتباعها والسير على نهجها للقوم المخاطبين بها
وإلا أصابهم العذاب والعقاب . لأنهم آنذاك كانوا مكلفين بما شرعه الله فيها من تعاليم وأحكام
يأتمرون بأوامرها وينتهون عن زواجرها .

فمثلاً :

حين أنزل الله التوراة على سيدنا موسى عليه السلام كان مفروضاً على قومه ( قومه هم كل من كانوا فى وقته
وزمنه وعصره وبلغتهم الرسالة ) وواجباً عليهم أن يؤمنوا بنبيهم ورسولهم
ويصدقوا بما أنزله الله عليه
فى التوراة والألواح والصحف لأنهم حينئذ كانوا مخاطبين بها
ومكلفين بما شرعه الله فيها
وإلا كان مأواهم العذاب الأليم وسكنى الجحيم .

...
وحين بعث الله سيدنا عيسى عليه السلام نبياً ورسولاً كان واجباً على قومه ( وقومه هم كل من كانوا فى زمنه
وعصره وبلغتهم رسالته ) أن يؤمنوا بسيدنا عيسى لأنه هو النبى المرسل إليهم
من الله وأن يؤمنوا بما أنزل الله عليه
فى الإنجيل ويتبعوا ماورد فيه ( ويتركوا ماكان فى التوراة
ولكن يظلون مؤمنين بها ) لأنهم صاروا مخاطبين
بما أنزل الله فى الإنجيل ومكلفين بالسير على نهجه
وبما شرعه الله فيه من تعاليم وأحكام .
..
وحين بعث الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً فإنه واجب على قومه ( وقومه هم كل من خلقه الله
من بعد مبعثه صلى الله عليه وسلم وحتى يوم الدين وبلغتهم رسالته ) أن يؤمنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم
لأنه هو النبى المرسل إليهم وعليهم وأن يؤمنوا بكتاب الله الكريم الذى أنزله الله لأنهم أصبحوا مخاطبين بما فى القرآن
وبما شرعه الله فيه من التعاليم والأحكام .
ولذا :
فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو نبى ورسول هذا الزمان . ودين الإسلام هو آخر الأديان .
وكل من وُلِد أو يولد من بعد مبعثه يُعدّ من أمته مكلفٌ ومخاطبٌ برسالته .

يقول جل شأنه : ( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً )

فعلى كل من بلغته الرسالة فى هذا الزمان فى مشارق الأرض ومغاربها فى أى قطر من الأقطار أو فى أى بلد من البلدان
وعلى وجه هذه الأرض أن يؤمن بدين الله وأن يصدق بكتاب الله وبنبوة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
لأنه مخاطب بها ومأمور باتباعها يقول النبى المصطفى صلى الله عليه وسلم فى كتاب الله :

( وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ )

( هذا البلاغ تكليف من الله على الطائفة المتفقهة فى الدين ومنوطٌ به علماء وفقهاء المسلمين )
أيضاً فإنه على كل من علم أو سمع بهذا الدين فى أى زمان أو مكان أن ينهج نهج الإيمان وأن يتبع دين الإسلام
فبالعلم أو السمع قد بلغته الرسالة فوجب عليه البحث عنها والإيمان والتصديق بها .
( لو تقاعس العلماء والفقهاء وفرطوا فى التكليف المفروض عليهم )
*****
فمن أبى واستكبر عن الإيمان فلسنا بوكلاءٍ عنهم ولا أىٍ منا بحفيظٍ عليهم .
من شاء منهم أن يؤمن فليؤمن ومن شاء منهم أن يكفر فليكفر .. يقول عز وجل :

( فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ )

*****
لادين بعد دين الله . ولا نبى ولا رسول بعد نبى ورسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .

يقول سبحانه وتعالى : ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ )

فالهدى هو القرآن . ودين الحق هو الإسلام . والرسول هو النبى محمد عليه الصلاة والسلام .
ومنذ أن بعث الله النبى المصطفى صلى الله عليه وسلم فإن كل من اتبع ديناً غير دين الله فى أى دولة من الدول
أو فى أى أمة من الأمم أو فى أى قوم من الأقوام فقد باء بالبطلان والخسران . يقول جل شأنه :

( وَمَن يَبْتغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) .

************************************************** ****
سعيد شويل